عصمة الوحي وخطايا الأنبياء

نشر في عصمة الوحي و خطايا الأنبياء.

خطية ابراهيم

الفصل الرابع

قال المعترض الغير مؤمن: ورد في سفر التكوين12:10-20 أن إبراهيم لما دخل أرض مصر قال عن زوجته إنها أخته لأنه خاف أن يقتله المصريون بسببها، فطلب منها أن تقول إنها أخته ليكون له خير بسببها وتحيا نفسه من أجلها فأخبروا فرعون عنها فصنع إلى أبرام خيراً بسببها، وصار له غنم وبقر وحمير فضرب الرب فرعون وبيته ضربات عظيمة بسبب ساراي فاستدعى فرعون أبرام ووبخه على عمله، وأعطاه زوجته (إلى آخر ما هو مذكور في هذا الأصحاح), ولا يليق بخليل الله أبي الأنبياء وصفوة الأمناء أن يرضى بترك حريمه ويسلّمها للغير

وللرد نقول: قول إبراهيم عن سارة إنها أخته قول صدق، لأنها أخته من أبيه فقط, وكان يجوز في تلك العصور القديمة الاقتران بغير الشقيقات, ولم تكن غايته اقتناء المواشي والأتن، كما ادَّعى المعترض الغير مؤمن ، بل كانت غايته النجاة من جور ملوك ذلك الزمان، لأنه قال: أخاف أن المصريين يقتلونني بسببك، فقولي إنك أختي فيستبقونني ولا يقتلونني , ولا ننكر أنه قال ذلك لضعف الطبيعة البشرية، فالله هو الكامل وحده، والنقص ملازم لكل إنسان مهما كان, أما الخير الذي حصل له فلم يكن مقصوداً بالذات، ولم تنسب إليه التوراة غير هذه الكذبة، وكذبة أخرى, ولكن تكلم الكتاب المقدس عن عظمة تقواه وقوة إيمانه، وقال إنه أبو المؤمنين وغير ذلك, أما القرآن فنسب إليه الكذب والشك وعبادة الأصنام,


 

خطايا ابراهيم حسب القرآن:

(1) ورد في الأنعام 6:77 أن إبراهيم قال عن الكواكب إنها ربه, فلما رأى القمر بازغًا قال: 'إنه ربي` فلما أفل قال:'إن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين` , وفي عدد 78 قال: فلما رأى الشمس بازغة قال:'هذا ربي, هذا أكبر` , فإذا قال هذا عن اعتقاد كان شركاً، وإلا كان كذباً، فاعتذر عنه علماء الإسلام بقولهم إن ذلك صدر قبل تمام النظر في معرفة الله، إذ لا يتصور نبوَّة إلا بعد تمام ذلك النظر, واعتذروا بعذر آخر: أنه قال ذلك على سبيل الفرض، كأنه قال: لو كانت الكواكب أرباباً كما تزعمون، لزم أن يكون الرب متغيراً آفلًا، وهو باطل! ولكن عبارة القرآن ناطقة بوقوعه في عبادة الأصنام,

(2) يقول القرآن إنه شك في قدرة الله, ففي البقرة 2:260 وإذ قال ابراهيم:'ربي أرني كيف تحيي الموتى` قال:'أولم تؤمن؟` قال:'بلى، ولكن ليطمئن قلبي` , قالوا: إنّ الشك في قدرة الله كفر , وورد في الحديث : نحن أوْلى بالشك من إبراهيم (ابن كثير في تفسير البقرة 2:260),

(3) يقول القرآن إنه كذب, قال مفسروهم: لما كسر إبراهيم الأصنام دعاه نمرود الجبار وأشراف قومه قالوا:'أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم؟` قال: 'بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون` , وعن أبي هريرة أن رسول الله قال: لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات اثنتين منهن في ذات الله قوله :'إني سقيم` وقوله:'فعله كبيرهم` وقوله لسارة:'هذه أختي` حين أراد الجبار القرب منها (رواه البخاري ومسلم وابن كثير في تفسير الصافات 89),

4 - ومن خطاياه ما ورد في الصافات 37:89 فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم قال ابن عباس: كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا يتعاطون ويتعاملون به، لئلا ينكروا عليه أنه أراد أن يكايدهم في أصنامهم، ليلزمهم الحجة في أنها غير معبودة, وكان لهم من الغد عيد ومجمع، فكانوا يدخلون على أصنامهم ويقربون لهم القرابين، ويضعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم, وزعموا التبرك عليه فاذا انصرفوا من عيدهم أكلوه، فقالوا لإبراهيم: ألا تخرج معنا إلى عيدنا؟ فنظر في النجوم فقال: إني سقيم (أي مريض بالطاعون), وقال علماء الإسلام: النظر في علم النجوم حرام، وحكمه بأنه سقيم كذب, (الرازي في تفسير الصافات 37:89),

فهذه الأقوال ناطقة بأنه كان يعبد الكواكب، وأنه شك في قدرة الله، وأنه كذب عدة مرات وأهل الكتاب لا يسلِّمون بشيء من ذلك غاية الأمر أنه كذب مرتين من خوفه ويعتقدون أنه أبو المؤمنين ويضرب المثل بإيمانه، فإنه آمن بالله إيماناً ثابتاً، وأطاع أوامره طاعة كاملة، ولم يعتقدوا أنه كان يعبد الكواكب، ولا أنه شك في قدرة الله، ولا أنه نظر في علم النجوم,