يسوع المسيح هو ابن الله

نشر في يسوع المسيح هو ابن الله.

لماذا يرفض المسلمون الاعتراف بأن يسوع هو ابن الله

يرفض المسلمون بشدة وعصبيَّة قول المسيحيين بأن يسوع هو ابن الله، ولذلك فإنَّهُم يتَّهمون المسيحيين بالتجديف وقول الباطل، بل وبالتّطاول على الله. وهذا الموقف الإسلامي المتشدّد لم يأت من فراغ، بل إنّه مبنيٌّ على آياتٍ قرآنيّة وأحاديثٍ ونبويّةٍ عديدة

 فهمها المسلمون وفسّروها بطريقةٍ لم ولن تساعدهم أبداً في اكتشاف حقيقة شخص الرّب يسوع المسيح،  هكذا فإنّ المسلمين يشعرون بالاشمئزاز والغضب عندما يسمعون المسيحييّن يعترفون بأنَّ يسوع هو ابن الله. وهذا الموقف الإسلامي الرّافض بقوّة لِبنُوَّة المسيح يتطلّب من المسيحيّين أن يعرفوا أسباب هذا الرّفض، وبالتّالي أن يعملوا جاهدين وبروح الصّلاة والمحبّة في شرح مقاصدهم وتوصيل رسالتهم إلى المسلمين، وهذه الأسباب هي:

1. يفهم المسلمون قول الإنجيل أنّ 'المسيح هو ابن الله' على أساس جنسي وجسدي بحت. أي أن المسلمين يظنّون أنّ المسيحييّن يدَّعون أنَّ الله تزوّج مريم وأنجبت منه المسيح. وهذا الظّن الإسلامي الفاسد والخاطئ مبنيٌّ على ما ورد في القرآن من آيات تنفي أن يكون لله زوجةً أو ولداً. نقرأ في القرآن قوله في سورة الأنعام 101:6 'بديعُ السَّماواتِ والأرضِ أنّا يكونُ له ولدٌ ولم تكُن لَّهُ صاحِبةٌ وخَلقَ كلَّ شيءِ وهوَ بِكلِّ شيءِ عليمٌ' وفي سورة الجن 3:72 'وأنّهُ تعالى جدٌّ ربنا ما اتّخذ صاحبةً ولا ولداً' وفي سورة الإخلاص 1:112-4 'قُلْ هوً اللهُ أحد. اللهُ الصَّمدُ. لَم يَلد ولم يولَدْ. ولم يًكن لَّه كُفُواً أحد'. وآياتٍ أخرى كثيرة تنفي نفياً قاطعاً أن يكون لله ولدٌ (انظر البقرة 116:2 والنّساء 171:4 ويونس 68:10 والإسراء 111:17 والكهف 4:18 ومريم 35:19 و88 و91 و92، والأنبياء 26:21 والمؤمنون 91:23 والفرقان 2:25 والزُّمر 4:39 والزّخرف 81:43، والجن 3:72).

2. يعتقد المسلمون أنَّ الله خلق المسيح من تراب الأرض، كما خلق آدم، وبالتّالي يستحيل أن يكون المسيح ابن الله، لأنَّ ذلك سيعني في رأيهم أنَّ آدم أيضاً هو ابن الله. فالمسلمون يربطون بين ولادة المسيح من مريم العذراء وبين خلق آدم، لأنّهم يتصّورون أنَّ أساس العقيدة المسيحيّة عن 'ابن الله' هو ولادة المسيح من مريم العذراء بدونأب بشري، في حين خلق اللهُ آدمبدون أمٍ وأبٍ بشرييّن. مع أنَّ الإنجيل يعلن بوضوح أنَّ المسيح هو ابن الله من الأزل، أي لم 'يصبح' ابناً لله يوم ولادته. جاء في سورة آل عمران 59:3 'إنَّ مثلَ عيسى عند اللهِ كمثلِ آدم خلقَهُ من تراب ثم قال له كن فيكون' (راجع أيضاً البقرة 116:2و117، آل عمران 59:3، مريم 35:19).

3. جاء في القرآن نفياً قاطعاً أن يكون المسيح ابن الله، وقد ارتبط هذا النفي بمقاتلة الله لمن يقول مثل هذا القول الباطل. وتجدر الإشارة هنا إلى أن التفسير الإسلامي لعبارة 'المسيح ابن الله' يتناول العملية الجنسية في الزواج، فهو ليس تفسيراً روحياً أو مجازياً بل تفسيراً مادياً وجسدياً. فنقرأ في سورة التوبة 30:9 'وقالتِ اليودُ عُزَيرٌ ابنُ اللهِ وقالتِ النَّصارى المسيحُ ابنُ اللهِ ذلك قولُهُم بأفواهِهِم يُضاهئونَ قولَ الَّذين كَفَروا مِن قَبلُ قاتلَهُمُ اللهُ أنَّى يًؤْفكونَ'.


 

4. كَفَّر القرآن كلَّ شخصٍ يقول أنَّ الله هو المسيح، ووضع على لسان المسيح دعوته إلى عبادة الله ربّه دون إشراكٍ به. حيث جاء في سورة المائدة 17:5 'لقد كفَرَ الّذين قالوا إنَّ اللهَ هو المسحُ ابنُ مَرْيم قُلْ فَمَنْ يملكُ من اللهِ شيئاً إنْ أرادَ أن يُهلِكَ المسيحَ ابن مريَم وأُمَّهُ ومن في الأرضِ جميعاً وللهِ مُلكُ السّماواتِ والأرضِ وما بينهُما يخلقُ ما يشاء واللهُ على كلِّ شيءٍ قديرٌ'. وفي المائدة 72:5 'لقد كفر الّذين قالوا أَنَّ اللهَ هو المسيحُ ابنُ مريَمَ وقال المسيحُ يا بني إسرائيل اعبدوا اللهَ ربّي وربَّكم إنَّه من يشركُ باللهِ فقد حرَّم اللهُ عليهِ الجنّة ومأواهُ النّار وَما للظّالمينَ من أنصارِ' وفي سورة التّوبة 31:9 'اتّخذوا أحبارَهُم ورُهبانهم أرباباً من دون اللهِ والمسيحَ ابن مريم وما أُمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هُو سُبحانَه عَمَّا يُشركون'. إنَّ القول بأنَّ الله هو المسيح ليس قولاً مسيحيّاً أبداً، لأنَّ ذلك يعني إنكار وحدانيّة الله في الثّالوث القدّوس، حيث لا يشتمل القول على ذكر الآب السماوي والرّوح القدس، بل إنَّ القول يعني بوضوحٍ أنَّ الله هو المسيح فقط، وهو قولٌ لا وجود له في الإنجيل المقدّس ولا يقبله المسيحيّون.

5. يؤكد القرآن في عدد كبير من آياته على أن المسيح هو ابن مريم، ولكن ليس ابن الله. فنقرأ في سورة المائدة 116:5 'وإذا قال اللهُ يا عيسى ابنَ مريمَ أأنت قلتَ للناسِ اتَّخذوني وأمي إلهَيْنِ من دونِ اللهِ قال سبحانَكَ ما يكونُ لي أن أقول ما ليسَ لي بحقٍّ إن كنتُ قلتُهُ فقد علمتَهُ تعلًمُ ما في نفسي ولا أعلَمُ ما في نفسِكُ إنَّكَ أنتَ عَلامُ الغيوب'. نلاحظ في هذا النص القرآني نفياً وضعه القرآن على لسان المسيح بأنه ليس إلهاً وبأنه لا يعلم ما في نفس الله، ويستشهد الكتاب المسلمون كثراً بهذا النص من أجل نفي لاهوت المسيح، علماً بأن النص لا ينفي اللاهوت عن المسيح بل ينفي أن يكون المسيح قد قال ما لا يحق له قوله، أي قال بعبادته وعبادة أمه دون الله، وهو قول لا أساس له قطعياً في الإنجيل، حيث لا يوجد مسيحيٌ حقيقيٌ في العالم يعبد مريم العذراء، أي يعبد إنسانةً مخلوقةً، دون الله.

6. يتحدّث القرآن عن المسيح باعتباره نبيَّاً ورسولاً وعبداً لله، ولكن ليس ابن الله:

أ. نبي: مريم 30:19 'قال إنّي عبد اللهِ آتاني الكتابَ وجعلني نبيّاً'

آل عمران 84:3 'وما أُوتيَ موسى وعيسى والنّبيونَ من ربّهم'

ب. رسولٌ: الصّف 6:61 'وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إنّي رسول الله إليكم'

المائدة 75:5 'ما المسيحُ ابن مريمَ إلا رسولٌ قد خلت من قبلِهِ الرُّسل'

ت. عبد الله: النّساء 172:4 'لن يستنكِفَ المسيحُ أن يكونَ عبداً لِلهِ'

الزّخرف 59:43 'إنّ هو إلا عبدٌ أنعمنا عليهِ وجعلناهُ مثلاً لبني إسرائيل'

7. ورد في القرآن أقوالاً أخرى حول المسيح تنكر لاهوته أو كونه ابن الله، وتشير إلى أنّ الله قادر أن يهلكه، وبأنّه خاضع لله ويصلّي له، وبأنَّ الله هو ربّه الّذي أنعم عليه: جاء في سورة مريم 36:19 على لسان المسيح قوله 'وإنَّ اللهَ رَبّي وربَّكُم فاعبدوهُ هذا صراطٌ مستقيمٌ' (انظر أيضاً آل عمران 51:3 والمائدة 72:5 و117 والزّخرف 64:43). كذلك على لسان المسيح في سورة المائدة 114:5 'قال عيسى ابنُ مريمَ اللَّهُمَّ أَنزِل علينا مائدةً من السّماء من السّماءِ تكونَ لنا عيداً لأوَلنا وآخرنا وآيةً منكَ وارزُقنا وأنتَ خيرُ الرّازقين' ويفهم القارئ المسلم من هذا النّص أنَّ المسيح مجرّد نبي يصلّي إلى ربّه طالباً منه العون والرّزق، وكيف يكون بالتّالي ابن الله أو الله وهو يطلب العون في صلاتهِ لله.