القرآن والكتاب المقدس

نشر في القرآن والكتاب المقدس.

بعض الافتراضات الأساسية عن المفردات

كل مؤلف وقارئ وشخص يشترك في مناقشة، يجيء عادةً إلى الكتاب أو المناقشة بأفكار يعتقد أنها صحيحة، ربما يمكنه أن يفحص صحّتها بمقاييس ثابتة، كما في العلوم، أو أن يفحصها بالحفريات أو بالرجوع إلى الوثائق التاريخية. ولكن كثيراً ما يستحيل فحص صحة الأفكار التي نقول إنها افتراضات أساسية.

مثلاً قد أعتقد أن المادة حقيقية، وأن الورق الذي طُبع عليه هذا الكتاب حقيقي. وعندما درست الفلسفة قال أستاذنا الجامعي إن الفيلسوف زينو كان يعتقد أن العالم وهم، فرفعتُ يدي في براءة وسألت: ولكن كيف استمتع بالحياة إن كان يعتقد أنها وهم؟ . وأجاب الأستاذ: ألا يقدر أن يستمتع بالوهم؟ . ونظرياً يمكن للإنسان أن يستمتع بوهم، فأحلام يقظتنا أوهام! ولكن مشكلتي هي أني كنت أفترض أن العالم حقيقة.

ويفترض اليهود والمسيحيون والمسلمون أساساً أن الله موجود، وأنه خلق العالم الذي نلمسه ونقيسه من لا شيء. ولكن عندما تختلف افتراضاتنا الأساسية نواجه المشاكل. فمثلاً ذات مرة جاءني مريض مغربي لأفحصه. ولما سألته عن وظيفته قال إنه من علماء الدين، فتحدثنا قليلاً عن الإنجيل، ودعاني لأزوره في بيته لنكمل الحديث. ولما فعلتُ وردَت في حديثنا كلمة المسيّا من يوحنا 1:41 فقلت: تجيء هذه الكلمة من أصلٍ عبري، وتُرجِمت في العربية المسيح . فقال: لا! بل هذا اسم آخر من أسماء محمد. إنه يحمل أسماء كثيرة . وبعد مناقشة قلت له: إذاً لنرجع للقاموس. لا بد أن عندك قاموس المنجد فقال: لا! هذا غير ممكن فسألت: لماذا لا؟ فأجاب: لأنك أنت الذي كتبتَ هذا القاموس . فسألته باستنكار: كيف تقول إني كتبته؟ لا شأن لي بكتابته! فقال: لقد فعلتَ، فإن كاتبه مسيحي . وانتهت المناقشة. ولم يكن في المغرب وقتها قاموس يُباع إلا المنجد الذي جهَّزه مؤلفون كاثوليك في لبنان، ولكن عالِم الدين المغربي رفض أن يعترف بصحته. وهذا يعني أننا لا نقدر أن نحتكم للقاموس في معنى أية كلمة نختلف على معناها. وسبب ذلك أننا قد اختلفنا في افتراضنا الأساسي عن صحة القاموس.