القرآن والكتاب المقدس

نشر في القرآن والكتاب المقدس.

أهمية القرينة

ذكرنا أن القرينة تساعدنا أن نفهم الكلمة من استعمالاتها. والآن ندرس أهمية القرينة في تحديد معنى كلمة أو عبارة أو جملة وردت في وثيقة .. رأينا أن الكلمة تحمل أحياناً أكثر من معنى، كما قلنا إن كلمة وزر تحمل معنى الخطأ، والثقل، والمسئولية. فإذا سألَنا أحدٌ عن الوزير في الوزارة فإننا لا نجد عندنا جواباً. هل نقول خطية الوزارة، أو ثقل الوزارة! هنا نحتاج لدراسة القرينة، لأنها تصحح لنا المعنى.

يقول الأستاذ ساسير:

اللغة نظام تتوقف فيه المصطلحات بعضها على بعض، فيكون المصطلح بلا قيمة بدون وجود المصطلح الآخر (6).

ويقول الأستاذ سولومون:

لا تُستعمَل الكلمات بمعزل عن بعضها، فكل كلمة تتأثر بقرينتها من كلمات تحيط بها في الجملة أو الفقرة أو الخطاب كله. فلنفهم استعمال كلمة عام 1787 يجب أن نلاحظ ما قصده بها مستخدموها عام 1787 (7).

قدَّم د. داود رهبار في كتابه إله العدل عدة أمثلة لأهمية القرينة (8)، فقال إن سورة الصافات 37:96 تقول: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ وهذا يحتمل معنيين: (أ) الله خلقكم وما تقومون به، و (ب) الله خلقكم وما تصنعون. فكيف نميّز بينهما؟.. نحتاج للعودة للقرينة. فإذا رجعنا لآية 37:91-96 وجدنا المعلومات التالية:

فَرَاغَ (أي مال إبرهيم بحيلة) إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِاليَمِينِ فَأَقْبَلُوا (أهل المدينة) إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ - تقومون به أو تصنعونه؟ توضح القرينة أن الله خلقهم وخلق أعمالهم. ولقد عزل الإمام الغزالي الآية من القرينة فجعل المعنى ما تقومون به فيكون الله نفسه خالق البشر وكل ما يقومون به!